ثم حقر أمره بالنسبة إلى عظيم قدرته، فقال ذاكراً نتيجة الأمر السابق :﴿إن ذلك﴾ أي الإبداء والإعادة، وأكد لأجل إنكارهم ﴿على الله يسير*﴾ لأنه الجامع لكل كمال، المنزه عن كل شائبة نقص.
ولما ساق العزيزالجليل هذا الدليل، عما حاج به قومه الخليل، انتهزت الفرصة
٥٤٧
في إرشاد نبيه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام والتحية والإكرام، وذلك أنه لما استدل عليه السلام على الوحدانية المستلزمة للقدرة على المعاد بإبطال إلهية معبوداتهم المستلزم لإبطال كل ما شاكلهان فحصل الاستعاد للتصريح بأمر المعاد، فصرح به، كان ذلك فخراً عظيماً، ومفصلاً بيناً جسيماً، لإقامة الحجة على قريش وسائر العرب، فانتهزت فرصته واقتحمت لجته، كما هي عادة البلغاء، ودأب الفصحاء الحكماء، لأن ذلك كله إنما سيق تسلية للنبي ﷺ ووعظاً لقومه فقيل :﴿قل﴾ أي يا محمد لهؤلاء الذين تقيدو بما تقلدوا من مذاهب آبائهم من غير شبهة على صحته أصلاً : قد ثبت أن هذا كلام الل لما ثبت من عجزكم عن معارضته، فثبت أن هذا الدليل كلام ابيكم إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأنتم مصرحون بتقليد الآباء غير متحاشين من معرته ولا أب لكم أعظم من إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فإذا قلدتم من لا يفارقه في عبادة ما لا يضر ولا ينفع من غير شبهة اصلاً فقلدوا أباكم الأعظم في عبادة الله وحده لكونه أباكم، ولما أقام على ذلك من الأدلة التي لا مراء فيها قال : أو ﴿سيروا﴾ إن لم تقتدوا بأبيكم غبراهيم عليه السلام، وتتأملوا ما أقام من الدليل القاطع والبرهان الساطع ﴿في الأرض﴾ إن لم يكفكم النظر في أحوال بلادكم.


الصفحة التالية
Icon