ولما كان المقام للابتلاء والامتحان، أجمل البشرى، وفصل النذري، فقال :﴿قالوا﴾ أى الرسل عليهم الصلاة والسلام لإبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد أن بشروه وتوجهوا نحو سدوم، جواباً لسؤاله عن خطبهم، تحقيقاً لأن أهل السيئات مأخذون، وأكدوا لعلمهم أن الخليل عليه الصلاة والسلام يود أن يهديهم الله على يد ابن أخيه ولا يهلكهم، فقالوا :﴿إنا مهلكو﴾ وأضافوا تحقيقاً لأن الأمر قد حق وفرغ منه فقالوا :﴿أهل هذه القرية﴾ ثم عللوا ذلك بقولهم :﴿إن أهلها﴾ مظهرين غير مضمرين إفهاماً لأن المراد أهلها الأضلاء في ذلك، إخراجاً للوط عليه السلام :﴿كانوا الظالمين*﴾ أي عريقين في هذا الوصفن فلا حيلة في رجوعهم عنه.
ولما كان السامع بحيث يتشوف إلى معرفة ما كان بعد ذلك، كان كأنه قيل : لم يقنع الخليل عليه السلام لخطر المقام بهذا التلويح، بل ﴿قال﴾ مؤكداً تنبيهاً على جلالة ابن أخيه، وإعلاماً بشدة اهتمامه به، وأنه ليس ممن يستحق الهلاك، ليعلم ما يقولون في حقه، لأن الحال جد، فهو جدير بالاختصارك ﴿إن﴾ وأفهم بقوله :﴿فيها لوطاً﴾ دون، منهم، أنه نزيل تدرجاً إلى التصريح بالسؤال فيه، وسؤالاً في الدفع عنهم بكونه فيهم، لأنه بعيد عما عللوا به الإهلاك من الظلم، ﴿قالوا﴾ أي الرسل لإبراهيم عليه الصلاة والسلام :﴿نحن أعلم﴾ أي منك ﴿بمن فيها﴾ أي من لوط وغيره.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٥٣
ولما كان كلامهم محتملاً للأنجاء والإرداء، صرحوا بقولهم على سبيل التأكيدن لأن إنجاءه من بينهم جدير بالاستبعاد :﴿لننجينه﴾ أي إنجاءاً عظيماً ﴿وأهله﴾ ولما أفهم هذا امرأه استثنوها ليكون ذلك أنص على إجاء غيرها من جميع أهله فقالوا :﴿إلا امرأته﴾
٥٥٥
فكأنهقيل : فما حالها ؟ فقيل :﴿كانت﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿من الغابرين*﴾ أي الباقين في الأرض المدمرة والجماعة الفجرة، ليعم وجهها معهم الغبرة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٥٣