ولما لم يبق بعد هذا إلا خبر الرسل مع لوط عليه الصلاة والسلام، قال عاطفاً على ما تقديرهك ثم فارقوه ومضوا إلى المدينة التي فيها لوط عليه السلام، مفهماً بالعدوا عن الفاء إلى الواو أن بين المكانين بعداً :﴿ولما﴾ وأثبت ما صورته صورة الحرف المصدري لما اقتضاه مقصود السورة، وأكثر سياقتها بين التسليك في مقام الامتحان والاجتهاد في النهي عن المنكر، ولذا ذكر هنا في قصة إبراهيم عليه السلام القتل والإحراق، وأتبعت بشراء بإهلاك القرية الظالمة، فقالك ﴿أن جاءت رسلنا﴾ أي المعظمون بنا ﴿لوطاً﴾ بينا لأنه ﴿سيىء﴾ أى حصلت له المساءة من غير ريب لما رأى من حسن أشكالهم، وخاف من تعرض قومه لهم، وهو يظن أنهم من الناس، وذلك أن أن في مثل هذا صلة وإن كان أصلها المصدر لتؤكد وجود الفعلين مرتباً وجود أحدهما على الآخر في وقتين متجاورين لا فاصل بينهما فإنها وجدا في جزء واحد من الزمان، قال ابن هشام في المغني ما معناه أن علة ذلك أن الزائد يؤكد معنى ما جيء به لتأكيده، ولما تقيد وقوع الفعل الثاني عقيب الأول وترتبه عليه فالحرف الزائد يؤكد ذلك.
﴿وضاق بهم﴾ أي بأعمال الحلية في الدفع عنهم ﴿ذرعاً﴾ أي ذرعة طاقتهم كما بين وأشبع القول فيه في سورة هود عليه السلام، والأصل في ذلك أن من كالت ذراعه نال مالا يناله قصيرها، فضرب مثلاً في العجز والقدرة، وذلك أنهم أتوه في صورة مردان ملاح جداً، وقد علم أمر أهل القرية في مثل ذلك ولم يعلم أنه رسل الله.
ولما كان التقدير : فقالوا له : يا لوط! إنا رسل ربك، فخفض عليك من هذا الضيق الذي نراه بك فإنا ما ارسلنا إلا لإهلاكهم، عطف عليه قوله :﴿وقالوا﴾ أي لما
٥٥٦


الصفحة التالية
Icon