ولما كان حالها في صنعها حال من ينكر وهنه، قال مؤكداً :﴿وإن﴾ وواوه للحال من ضمير - ﴿اتخذت﴾ أي والحال أنه أوهن - هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر للتعميم فقال :﴿أوهن البيوت﴾ أى أضعفها ﴿لبيت العنكبوت﴾ التي عانت في حوكه ما عانت وقاست في نسجه ما قاست، لأنه لا يكنّ من حر، ولا يصون من برد، ولا يحصن عن طالب، كذلك ما اتخذ هؤلاء من هذه الأوثان، وهذا الدين الذي لا أصل له فهو أوهن الأديان وأهونها ﴿لو كانوا يعلمون*﴾ أي لو كان لهم ما من العلم لاتنفعوا به فعلموا أن هذا مثلهم، فأبعدوا عن اعتقاد ما هذا مثله.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٥٩
ولما انتفى نفعهم بعلمهم، صح نفيه، فكانوا وإياها على حد سواء، ليس لفريق منهما شيء مما نوى، فيا لها من صفقة خاسرة، وتجارة كاسدة بائرة.
ولما كان ضرب المثل للشيء لا يصح إلا من العالم بذلك الشيء، وكان النصير على شيء لا يمكن أن يتوجه إلى معارضته إلا أن إلا إن كان يعلمه ويعلم مقدار قدرته، وعدة جنوده، وصل بذلك أن هذا شأنه سبحانه وأن شؤكاءهم في غاية البعد عن ذلك، فكيف يعلقون بنصرهمم آمالهم، وزاد ذلك حسناً تعقيبه لنفي العلم عنهم، فقال إشارة إلى جهلهم في إنكارهم أن يقدر أحد على إهلاك آلهتهم التي هي أو هي الأشياء :﴿إن الله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿يعلم﴾ بما له من تلك الصفات ﴿ما﴾ أى الذي ﴿يدعون﴾ أى الذين ضرب لهم المثل، أو أنتم - في قراءة الفوقانية التفاتاً إلى أسلوب الخطاب إيذاناً بالغضب ﴿من دونه﴾ إشارة إلى سفول رتبتهم، وأكد العموم بقوله :﴿من شيء﴾ أي سواء كان نجماً
٥٦١
أو صنماً أو ملكاً أو جنياً أو غيره، وهم لا يعلمونه ولا يعلمون شيئاً مما يتوصلون إليه، فكيف يشفعون عنده أو ينصرون منه، وإليه الإشارة بقوله :﴿وهو العزيز﴾ أى عن أن يعلمه يعلمه شركاؤهم أويحيط به أحداً علماً، أو يمتنع عليه شيء يريده ؛ وجوزوا ان تكون ما نفية، أي شيء يعتد به.