عامة وأنه لن يوصل إليك حتى تفنى أرواحنا، فأخرج هذه الحلقة ففرقها بين قومك، فإن تظفر فسترد عليك، وإن تهلك فأهون مفقود، فأمر بها فأخرجت ففرقها بينهم، ثم قال حنظلة للنعمان : لولا أنكرسول لما أبت إلى أهلك سالماً، فرجع النعمان إلى أصحابه، فأخبرهم فباتوا ليلتهم يستعدون للقتال، وبات بكر بن وائل يستعدون للحرب، فلما أصبحوا أقبلت الأعاجم نحوهم وأمر حنظلة بالظعن جميعاً فوقفها خلف الناس ثم قال : يا معشر بني بكر بن وائل! قاتلوا عن ظعتنكم أو دعوا، واقبلت الأعاجم يسيرون إلى تعبئة، وكان ربيعة بن غزالة السكوتي ثم التجيني يومئذ هو وقومه نزولاً في بني شيبان فقال : يا بني شيبان! أما إني لو كنت منكم لأشرت عليكم برأي مثل عروة العلم قالوا : وأنت والله من أوسطنا، أشر علينا، قال : لا تستهدفوا هذه الأعاجم فتهلككم بنشابها، ولكن تكردسوا لهم كراديس فيشد عليهم كردوس، فإذا أقبلوا عليه شد الآخر، قالوا : فإنك قد رايت رأياً، ففعلوا، فلما التقى الزحفان وتقارب القوم قام حنظلة لن ثعلبة فقال : يا معشر بكر بن وائل! إن النشاب الذي مع الأعاجم يعرفكم، فإذا ارسلوه لم يُخْطِكُكْ، فعاجلوهم اللقاء وابدأوهم، ثم قام هانىء بن مسعود فقال : يا قوم! مهلك معذور خير من منجى مفرور، إن الحذر لا يدفع القدر، وإن الصبر من أسباب الظفر، المنية ولا الدنية، واستقبال الموت خير من استدباره، ياقوم : جدوا، فما من القوم بد فتح لو كان رجال أجد، أسمع صوتاً ولا أرى فوتاً، يا لبكر! شدوا واستعدوا، فإن لا تشدوا تردوا، ثم قام شريك بن عمرو بن شراحيل فقال : ياقوم! إنما تهابونهم أنكم ترونهم عند الحفاظ أكثر منكم، وكذلك أنتم في عيونهم فعليكم بالصبر، فإن الأسنة تردي الأعنة، يا لبكر! قدماً قدماً، ثم قام عمرو بن جبلة اليشكري فقال :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٨٢


الصفحة التالية
Icon