تهويله بقوله :﴿يومئذ يتفرقون﴾ أي المؤمنون الذين يفرحون بنصر الله والكافرون فرقة لا اجتماع بعدها، هؤلاء في عليين، وهؤلاء في أسفل سافلين.
حكى لي بعض القضاة نم أصحابي - عفا الله عنه - وهو يبكي انهرأى مناماً مهولاً، وذلك أنه رأى القيامة قد قامت، والناس يحشرون - على ما وصف في الأحاديث - في صعيد واحد عرايا خائفين حائرين، يموج بعضهم في بعض، فإذا شخص مما له أمر قد اشار بسوط معه وخط به في الأرض فقسمهم قسمين فقال : هؤلاء مطيعون وهؤلاء عصاة الأفعال، قال : فكنت في عصاة الأفعال، ثم غاب في الحال عنا عصاة الأقوال، فلم نر منهمأحداً وبقينا نحن منا الجالس ومنا المضطجع، ونحن قليل بالنسبة إلى عصاة الأقوال، فبينا نحن كذلك إذ جاء آتٍ إلى شخص إلى جانبي فأخذه منكعبه ثم نشطه فأخرج جلده بمرة واحدة كأنه جراب نزع عن شيء فيه يابس، فحصل لي من ذلك ذعر شديد فبينا أنا كذلك إذ آتٍ جاءني من ورائي، فألقى عليّ جوخة فجعلها على أكتافي وأدارها على أفخاذي فسترني بها ولكن على غير هيئة لبس المخيط، قال : واستيقظت وأنا على ذلك فقصصته على بعض الصالحين فقالك أحمد الله على كونك من عصاة الأفعال، وأخذ من ستري بالجوخة علىتلك الهيئة أني أحج، فبشرني بذلك فحججت في ذلك العام - والله تعالى المسؤول في التوبة، فإنه الفعّال لما يريد ﴿فأما الذين آمنوا﴾ أى أقروا بالإيمان بألسنتهم ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لإقرارهم ﴿الصالحات﴾ أي كلها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٠٧


الصفحة التالية
Icon