ولما خص الإمساء والإصباح، عمّ فقال معبراً بما يدل على الدوام، لأن وقت النوم الدال على النقص أولى بإثبات الكمال فيه :﴿وعشياً﴾ أى من الزوال إلى الصباح ﴿وحين تظهرون*﴾ أي تدخلون في شدة الحر، وسبحانه الله في ذلك كله، فالآية من الاحتباك : ذكر التسبيح أولاً دليلاً على إرادته ثانياً، والحمد ثانياً دليلاً على إرادته أولاً، ولعل المراد بالإظهار هنا ما هو أعم من وقت الظهر ليكون المراد به من حين يزول ااسم الصباح من وقت ارتفاع الشمس إلى أن يحدث اسم المساء، وهو من الظهر إلى الغروب - قاله ابن طريف في كتابه الأفعال ونقله عن الإمام عبد الحق في كتابه الواعي، وذلك حين استبداد النهار فيكون كماله فيما دون ذلك من باب الأولى، وهذا مع هذه الدقائق إشارة إلى الصلوات الخمس، أي سبحوه بالخضوع له بالصلاة في وقت المساء بصلاة العصر والمغرب، وفي وقت الصباح بالصبح، وفي العشى بالعشاء، وفي الإظهار بالظهر، وفي هذا التخريج من الحسن بيان الاهتمام بالصلاة الوسطى، فابتدأ سبحانه بالعصر التي قولها أصح الأقوال، ودخول المغرب في حيزها بطريق التبعية والقصد الثاني، وثنى بالصبح وهي تلبها في الأصحيّة وهما القريبتان، لقوله ﷺ :"من صلى البردين دخل الجنة" - رواه الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه، "من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وجبت له الجنة" - أسنده صاحب الفردوس عن عمارة بن روبية رضي الله عنه ورواه مسلم وغيره عنه بلفظ :"لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" - يعني الفجر والعصر " كنا عند النبي ﷺ فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال :"إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا لا تفوتنكم"، ثم قرأ ﴿فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب﴾ رواه البخاري عن جرير بن
٦١٠