ولما كانت الشدة في الحقيقة إنما هي للثابت لأنه ما عنده إلا الهلاك أو النصرة، وأما المنافق فيلقي السلم ويدخل داره الذب بالموافقة على جميع ما يراد منه، ترجم حال المؤمنين قاصراً الخطاب على الرأس لئلا يدخل في مضمون الخبر إعلاماً بأن منصبه الشريف أجلّ من أن يبتلى فقال تعالى :﴿هنالك﴾ أي في ذلك الوقت العظيم البعيد الرتبة ﴿ابتلي المؤمنون﴾ أي خولط الراسخون في الإيمان بما شأنه أن يحبل ما خالطه ويميله، وبناء للمجهول لما كان المقصود إنما هو معرفة المخلص من غيره، مع لعلم بأن فاعل ذلك هو الذي له الأمر كله، ولم يؤكد الابتلاء بالشدة لدلالة الافتعال عليها، وصف الكلام عن الخطاب مع ما تقدم من فؤائده، وعبر بالوصف ليخص الراسخين فقال :﴿وزلزلوا﴾ أي حركوا ودفعوا وأزعجوا بما يرون من الأهوال بتظافر
٨١
الأعداء مع الكثرة، وتطاير الأراجيف ﴿زلزالاً شديداً*﴾ فثبتوا بتثبيت الله لهم على عهدهم.


الصفحة التالية
Icon