يدلهم على تناهي الغضب، فقال مؤكداً محققاً لأجل إنكارهم :﴿لقد كان لكم﴾ أيها الناس كافة الذين المنافقون في غمارهم ﴿في رسول الله﴾ الذي جاء عنه لإنقاذكم من كل ما يسوءكم، وجلاله من جلاله المحيط بكل جلال، وكماله من كماله العالي على كل كمال، وهو أشرف الخلائق، فرضيتم مخالطة الأجلاف بدل الكون معه ﴿أسوة﴾ أي قدوة عظيمة - على قراءة عاصم بضم الهمزة، وفي أدنى المراتب - على قراءة الباقين بالكسر، تساوون أنفسكم به وهو أعلى الناس قدراً يجب على كل أحد أن يفدي ظفره الشريف ولو بعينه فضلاً عن أن يسوي نفسه بنفسه، فيكون معه في كل أمر يكون فيه، لا يختلف عنه أصلاً ﴿حسنة﴾ على قراءة الجماعة بمطلق الصبر في البأساء وأحسنية على قراءة عاصم بالصبر على الجراح في نفسه والإصابة في عمه وأعزّ أهله وجميع ما كان يفعل في مقاساة الشدائد، ولقاء الأقران، والنصيحة لله ولنفسه وللمؤمنين، وعبر عنه بوصف الرسالة لأنه حظ الخلق منه ليقتدوا بأفعاله وأقواله، ويتخلفوا بأخلاقه وأحواله، ونبه على ان الذي يحمل على التآسي به ﷺ إنما هو الصدق في الإيمان ولا سيما الإيمان بالقيامة، وأن الموجب للرضا جبلة له ﴿يرجوا الله﴾ أي في جبلته أنه يجدد الرجاء مستمراً للذي لا عظيم في الحقيقة سواه فيأمل إسعاده ويخشى إبعاده ﴿واليوم الآخر﴾ الذي لا بد من إيجاده ومجازاة الخلائق فيه بإعمالهم، فمن كان كذلك حمله رجاؤه على كل خير، ومنعه من كل شر، فإنه يوم التغابن، لأن الحياة فيه دائمة، والكسر فيه لا يجبر.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٩٠


الصفحة التالية
Icon