وقوله :" نسخنا الصحف " التي كانت عند حفصة رضي الله عنها بعد موت عمر رضي الله عنه " في المصاحف " التي أمر بها عثمان رضي الله عنه، وقوله :" لم أجدها " أي مكتوبة بدليل حفظه لها، وهذا يدل على أنه لما نسخ المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه لم يقتنعوا بالصحف.
بل ضموا إليها ما هو مفرق عند الناس مما كتب بأمر رسول الله ﷺ وبحضرته كما فعلوا حين جمعوا الصحف على عهد أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.
ولما كان كأنه : قد فهم من سياق هذه القصة أن القصد الإقبال عليه سبحانه، وقطع جميع العلائق من غيره، لأنه قادر على كل شيء، فهو يكفي من أقبل عليه كل مهم وإن كان في غاية العجز، لأنه قادر على كل شيء، فهو يكفي من أقبل عليه كل بالاتفاق على كلمة السلام، لتحصل الراحة من هذا العناء كله، فأجيب بأن هذا لتظهر صفة العز والعظمة والعدل وغيرها ظهوراً تاماً إلى غير ذلك من حكم ينكشف عنها الحجاب، وترفع لتجليها غاية التجلي ستور الأسباب، فقال تعالى معلقاً بقوله :﴿جاءتكم جنود﴾ :﴿ليجزي الله﴾ أي الذي يريد إظهار جميع صفاته يوم البعث للخاص والعام ظهوراً تاماً ﴿الصادقين﴾ في ادعاء أنهم آمنوا به ﴿بصدقهم﴾ فيعلي أمرهم في الدنيا وينعمهم في الأخرى، فالصدق سبب وإن كان فضلاً منه لأنه الموفق له ﴿ويعذب المنافقين﴾ في الدارين بكذبهم في دعواهم الإيمان المقتضي لبيع النفس والمال ﴿إن شاء﴾
٩٤
يعذبهم على النفاق ﴿أو يتوب عليهم﴾ أي بما يرون من صدقه سبحانه في إعزاز أوليائه وإذلال أعدائه بقدرته التامة حيث كانوا قاطعين بخلاف ذلك.


الصفحة التالية
Icon