ولما كان المعنى : بل أنتن أعلى النساء، ذكر شرط ذلك فقال :﴿إن اتقيتن﴾ أي جعلتن بينكن وبين غضب الله وغضب رسوله وقاية، ثم سبب عن هذا النفي قوله :﴿فلا تخضعن﴾ أي إذا تكلمتن بحضرة أجنبي ﴿بالقول﴾ أي بأن يكون لينا عذباً رخماً، والخضوع التطامن والتواضع واللين والدعوة إلى السواء ؛ ثم سبب عن الخضوع : قوله : للدلالة على أن أمنيته لا سبب لها في الحقيقة، لأن اللين في كلام النساء خلق لهن لا تكلف فيه، فأريد من نساء النبي ﷺ التكلف للإيتان بضده.
١٠١
ولما نهاهن عن الاسترسال مع سجية النساء في رخامة الصوت، أمرهن بضده فقال :﴿وقلن قولاً معروفاً﴾ أي يعرف أنه بعيد عن محل الطمع.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٠١
ولما تقدم إليهن في القول وقدمه لعمومه، أتبعه الفعل فقال :﴿وقرن﴾ أي اسكنّ وامكثن دائماَ ﴿في بيوتكن﴾ فمن كسر القاف وهو غير المدنيين وعاصم جعل الماضي قرر بفتح العين، ومن فتحه عنده قرر بكسرها، وهما لغتان.
ولما أمرهن بالقرار، نهاهن عن ضده مبشعاً له، فقال :﴿ولا تبرجن﴾ أي تظاهرن من البيوت بغير حاجة محوجة، فهو من وادي أمر النبي ﷺ لهن بعد حجة الوداع بلزوم ظهور الحصر ﴿تبرج الجاهلية الأولى﴾ أي المتقدمة على الإسلام وعلى ما قبل الأمر بالحجاب، بالخروج من بيت والدخول في آخر، والأولى لا تقتضي أخرى كما ذكره البغوي، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها ما بين نوح وإدريس عليهما السلام، تبرج فيها نساء السهول - وكن صباحاً وفي رجالهن دمامة - لرجال الجبال وكانوا صباحاً وفي نسائهن دمامة، فكثر الفساد، وعلى هذا فلها ثانية.


الصفحة التالية
Icon