ولما ذكر إخفاءه ذلك، ذكر علته فقال عاطفاً على " تخفي " :﴿وتخشى الناس﴾ أي من أن تخبر بما أخبرك الله به فيصوبوا إليك مرجمات الظنون لا سيما اليهود والمنافقون ﴿والله﴾ أي والحال أن الذي لا شيء أعظم منه ﴿أحق أن تخشاه﴾ أي وحده ولا تجمع خشية الناس مع خشيته في أن تؤخر شيئاً أخبرك به لشيء يشق عليك حتى
١٠٨
يفرق لك فيه أمر، قالت عائشة رضي الله عنها : لو كنتم النبي ﷺ شيئاً مما أوحي إليه لكتم هذه الآية.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٠٦
ولما علم من هذا سبحانه أخبره بأن زيداً سيطلقها وأنها ستصير زوجاً له من طلاق زيد إياها، سبب عنه قوله عاطفاً عليه :﴿فلما قضى زيد منها وطرأ﴾ أي حاجة من زواجها والدخول بها، وذلك بانقضاء عدتها منه لأنه به يعرف أنه لا حاجة له فيها، وأنه قد تقاصرت عنها همته، وطابت عنها نفسها، وإلا لراجعها ﴿زوجناكها﴾ ولم نحوجك إلى ولي من الخلق يعقد لك عليها، تشريفاً لك ولها، بما لنا من العظمة التي خرقنا بها عوائد الخلق حتى أذعن لذلك كل من علم به، وسرت به جميع النفوس، ولم يقدر منافق ولا غيره على الخوض في ذلك ببنت شفة مما يوهنه ويؤثر فيه، روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال : لما انقضت عدة زينبرضي الله عنها قال رسول الله ﷺ لزيد : اذهب فاذكرها علي، فانطلق زيد رضي الله عنه حتى أتاها وهي تخمر عجينها، قال : فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن انظر إليها أن رسول الله ﷺ ذكرها، فوليتها ظهري ونكصت على عقبي فقلت : يا زينب! إن رسول الله ﷺ يذكرك، قالت : ما أنا بصانعة شيئاً حتى اؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن، وجاء رسول الله ﷺ فدخل الناس وبقي رجال يتحدثون فذكره، سيأتي.


الصفحة التالية
Icon