المؤمنين من ذكر الاية ونعمه وتصريفه في مخلوقاته ما يوضح استيلاء قهره وملكه، ويشير إلى عظيم ملكه كما أعلم في قوله سبحانه ﴿الحمد لله الذي له في السموات وما في الأرض﴾ فقال سبحانه ﴿ولقد آتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه الطير وألنّا له الحديد﴾ ثم قال ﴿ولسليمان الريح﴾ إلى قوله :﴿اعملوا آل داود شكراً﴾ ثم أتبع ذلك بذكر حال لم يشكر فذكر
١٥٠
قصة سبأ إلى آخرها، ثم وبخ تعالى من عبد غيره معه بعد وضوح الأمر وبيانه فقال ﴿ثل ادعوا الذين زعمتم من دون الله﴾ إلى وصفه حالهم الأخروي ومراجعة متكبريهم ضعفاءهم وضعفائهم متكبريهم ﴿وأسروا الندامة لما رأوا العذاب﴾ ثم التحمت الآي جارية على ما تقدم من لدن افتتاح السورة إلى ختمها - انتهى.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤٤
ولما ختم بصفة الخبر، أتبع ذلك ما يدل عليه فقال :﴿يعلم ما يلج في الأرض﴾ أي هذا الجنس من المياه والأموال، والأموات، وقدم هذا لأن الشيء يغيب في التراب أولاً ثم يسقى فيخرج ﴿وما يخرج منها﴾ من المياه والمعادن والنبات ﴿وما ينزل من السماء﴾ أي هذا الجنس من حرارة وبرودة وماء وملك وغير ذلك ﴿وما يعرج﴾ ولما كانت السماوات أجساماً كثيفة متراقية، لم يعبر بحرف الغاية كما في قوله تعالى ﴿إليه يصعد الكلم الطيب﴾ [فاطر : ١٠] بل قال :﴿فيها﴾ أي من الأعمال والملائكة وكل ما يتصاعد من الأرض في جهة العلو وأنتم كما ترونه يميز كل شيء عن مشابهه، فيميز ما له أهلية التولد من الماء والتراب في الأرض من النباتات عن بقية الماء والتراب على اختلاف أنواعه مميزاً بعضه عن بعض، ومن المعادن الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص إلى غير ذلك، مع أن الكل ما يخالط الزاب، فكيف يستبعد عليه أن يحيي الموتى لعسر تمييز تراب كل ميت بعد التمزق والاختلاط من تراب آخر.


الصفحة التالية
Icon