الساعي ﴿في آياتنا﴾ أي على ما لها من العظمة ﴿معجزين﴾ أي مبالغين في قصد تعجيزها بتخلفها عما نزيده من إنقاذها، وهكذا معنى قراءة المفاعلة، ولما كان ذنبهم عظيماً، أشار بابتداء آخر فقال :﴿أولئك﴾ أي البعداء البغضاء الحقيرون عن أن يبلغوا مراداً بمعاجزتهم ﴿لهم عذاب﴾ وأيّ عذاب ﴿من رجز﴾ أي شيء كله اضطراب، فهو موجب لعظيم النكد والانزعاج، فهو أسوأ العذاب ﴿أليم*﴾ أي بليغ الألم - جره الجماعة نعتاً لرجز، ورفعه ابن كثير وحفص عن عاصم نعتاً لعذاب.
ولما ذم الكفرة، وعجب منهم في إنكارهم الساعة في قوله :﴿وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة﴾ وأقام الدليل على إيتانها، وبين أنه لا يجوز في الحكمة غيره ليحصل العدل والفضل في جزاء أهل الشر وأولي الفضل، عطف على ذلك مدح المؤمنين فقال واصفاً لهم بالعلم، إعلاماً بأن الذي أورث الكفرة التكذيب الجهل :﴿ويرى الذين﴾ معبراً بالرؤية والمضارع إشارة إلى أنهم في عملهم غير شاكين، بل هم كالشاهدين لكل ما أخبرهم به الرسول ﷺ وبالمضارع إلى تجدد عملهم مترقين في رتبه على الدوام مقابلة لجلافة أولئك في ثباتهم على الباطل الذي أشار إليه الماضي، وأشار إلى أن علمهم لدني بقوله :﴿أوتوا العلم﴾ أي قذفه الله في قلوبهم فصاروا مشاهدين لمضامينه لو كشف الغطاء ما ازدادوا يقيناً سواء كانوا ممن أسلم من العرب أو من أهل الكتاب ﴿الذي أنزل إليك﴾ أي كله من أمر الساعة وغيره ﴿من ربك﴾ أي المحسن إليك بإنزاله، وأتي بضمير الفصل تفخيماً للأمر وتنصيصاً على أن ما بعده مفعول " أوتوا " الثاني فقال :﴿هو الحق﴾ أي لا غيره من الكلام ﴿ويهدي﴾ أي يجدد على مدى الزمان هداية من اتبعه ﴿إلى صراط﴾ أي طريق واضح واسع.