ولما كانت هذه السورة مكية، وكان الكفار فيها مستظهرين والمؤمنون قليلين خائفين، والعرب يذمونهم بمخالفة قومهم ودين آبائهم ونحو ذلك من الخرافات التي حاصلها الاستدلال على الحق المزعوم بالرجال قال :﴿العزيز الحميد*﴾ أي الذي من سلك طريقه - وهو الإسلام - عز وحمده ربه فحمده كل شيء وأن تمالأ عليه الخلق أجمعون، فإنه سبحانه لا بد أن يتجلى للفصل بين العباد، بالإشقاء والإسعاد على قدر الاستعداد.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٥١
١٥٤
ولما عجب سبحانه من الذين كفروا في قولهم ﴿لا تأتينا الساعة﴾ المتضمن لتكذيبهم، وختم بتصديق الذين أوتوا العلم مشيراً أن سبب تكذيب الكفرة الجهل الذي سببه الكبر، عجب منهم تعجيباً آخر أشد من الأول لتصريحهم بالتكذيب على وجه عجيب فقال :﴿وقال الذين كفروا﴾ أي الذين تحققوا أمره ﷺ وأجمعوا خلافه وعتوا على العناد، لمن يرد عليهم ممن لا يعرف حقيقة حاله معجبين ومنفرين :﴿عل ندلكم﴾ أي أيها المعتقدون أن لا حشر.
ولما أخرجوا الكلام مخرج الغرائب المضحكة لم يذكروا اسمه مع أنه أشهر الأسماء، بل قالوا :﴿على رجل﴾ أي ليس هو صبياً ولا امرأة حتى تعذوره ﴿ينبئكم﴾ أي يخبركم متى شئتم أخباراً لا أعظم منه بما حواه من العجب الخارج عما نعقله مجدداً لذلك متى شاء المستخبر له.


الصفحة التالية
Icon