ولما سلب عنهم العلم، أتبعه دليله، فقال معبراً بصيغة المضارعة الدال على ملازنة التكرير للإعلام بأنه على سبيل الاستهزاء لا الاسترشاد :﴿ويقولون﴾ أي ما أرسلناك إلا على هذا الحال والحال أن المنذرين يقولون جهلاً منهم بعاقية ما يوعدونه غير مفكرين به في وجه الخلاص منه والتقصي عنه في كل حين استهزاء منهم :﴿متى هذا الوعد﴾ أي بالبشارة والنذارة في يوم الجمع وغيره فسموه وعداً زيادة في الاستهزاء.
ولما كان قول الجماعة أجدر بالقبول، وأبعد عن الرد من قول الواحد، أشار إلى زيادة جهلهم بقوله :﴿إن كنتم﴾ أي أيها النبي وأتباعه! كوناً أنتم عريقون فيه ﴿صادقين*﴾ أي متمكنين في الصدق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٧٧
١٨١
ولما تبين من سؤالهم أنه لم يكن للاسترشاد وإن هم بالغوا به في التكذيب والاستهزاء بعد الإبلاغ في إقامة الأدلة، أمره بأن يجيبهم بما يصلح للمعاند من صادع التهديد بقوله :﴿قل لكم﴾ أي أيها الجامدون الأجلاف الذين لا يجوزون الممكنات، ولا يتدبرون ما أوضحها من الدلالات، مع ضعفهم عن الدفاع، والمبالغة والامتناع ﴿ميعاد يوم﴾ أي لا تحتمل العقول وصف عظمه لما يأتي فيه من العقاب سواء كان يوم الموت أو البعث.
ولما كان تعلق النفوس بالمهلة عظيماً، قال :﴿لا تستأخرون﴾ أي لا يوجد تأخركم ولا يمكن أن يطلب لحثيث الطلب وتعذر الهرب ﴿عند ساعة﴾ لأن الآتي به عظيم القدرة محيط العلم، ولذلك قال :﴿ولا تستقدمون﴾ أي لا يوجد تقدمكم لحظة فما دونها ولا تتمكنون من طلب ذلك.