والمنفق بالاقتصاد داخل أن شاء الله تعالى تحت قول ﷺ فيما رواه الشيخان : البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال الله تعالى :" أنفق أنفق عليك " وما روى الشيخان وابن حبان في صحيحه أيضاً " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان يقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً " فهو خير الموسعين ﴿وهو خير الرازقين*﴾ أي الذين تعدونهم هذا
١٨٧
العداد ممن يقيمهم هو سبحانه لكم فتضيفون الرزق إليهم، فإنهم وسائط لا يقدرون إلا على ما قدرهم، وأما هو سبحانه فهو يوجد المعدوم، ويرزق من يطيعه ومن يعصيه، ولا يضيق ترزيقه بأحد، ولا يشغله فيه أحد عن أحد، بل يبعث في كل يوم لكل أحد رزقه في آن واحد كما ينشر عليهم نوره بالشمس في آن واحد من غير توقيف لذلك على شيء من الأشياء غير سبق به العلم في الأزل.
ولما أبطل شبهتهم فعلم بذلك أن الأمر كله له، وأنهم في محل الخطر، وكان قد بقي من شبههم أنهم يقولون : نحن نعبد الملائكة فهم يشفعون لنا، وكان الأنبياء عليهم السلام لا ينكرون أن الملائكة مقربون أبطل ما يتعلقون به منهم، وبين أنه لا أمر لهم وأنهم بريئون منهم، فقال عاطفاً على ﴿إذ الظالمون﴾ :﴿ويوم نحشرهم﴾ أي نجمعهم جمعاً بكره بعد البعث، وعم التابع والمتبرع بقوله :﴿جميعاً﴾.
ولما كانت مواقف الحشر طويلة وزلازله مهولة قال :﴿ثم نقول للملائكة﴾ أي توبيخاً للمشركين وإقناطاً مما يرجون منهم من الشفاعة.