ولما أبان هذا الكلام تفاوت الحزبين في المآل بالهلاك والفوز، وكان لا يقدم على الهلاك أحد في حس، وكان الكفار يدعون أنهم الفائزون قناعة بالنظر إلى ما هم فيه، ويدعون أنهم أبصر الناس وأحسنهم اعمالاً وكذا كل عاص ومبتدع، كان ذلك سبباً في إنكار تساويهما، فأنكره مبيناً السبب في ضلالهم بما فيه تسلية للمحسنين وندب إلى الشكر وحث على ملازمة الافتقار والذي وسؤال العافية من الزلل والزيغ قوله :﴿زين له سوء عمله﴾ أي قبحه الذي من شأنه أن يسوء صاحبه حالاً أو مآلاً بجمع مال ذاهب أو مذهوب عنه من غير خلة وبيع راحة الجنة المؤبدة بمتابعة شهوة منقية وإيثار مخلوق فإن على ربه الغني الباقي ؛ ثم سبب عنه ما أنهى إليه من الغاية فقال :﴿فرآه﴾ أي السيئ بسبب التزيين، ﴿حسناً﴾ أي فركبه، بما أشار إليه إضافة العمل إليه، وطوى
٢٠٥
المشبه به وهو كمن أبصر الأمور على حقائقها فاتبع الحسن واجتنب السيئ، لأن المقام يهدي إليه، وتعجيلاً بكشف ما أشكل على السامع من السبب الحامل على رؤية القبيح، مُليحاً بقوله مؤكداً رداً على من ينسب إلى غير الله فعلاً من خير أو شر :﴿فإن﴾ أي السبب في رؤية الأشياء على غير ما هو به، فيقدم على الهلاك البين وهو يراه عين النجاة ﴿ويهدي من يشاء﴾ فلا يشكل عليه أمر ولا يفعل إلإ حسناً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٠٥