ولما كان المحب من يرضى بفعل حبيبه، سبب عن ذلك النهي لأكمل خلقه عن الغم بسبب ضلالهم في قوله :﴿فلا﴾ والأحسن أن يقدر المشبه به هنا فيكون المعنى : أفمن غير فعل القبيح فاعتقده حسناً لأن الله أضله بسبب أن الله هو المتصرف في القلوب كمن بصره الله بالحقائق ؟ ولما كان الجواب : لا، ليس هما سواء سبب عنه قولاً : فلا ﴿تذهب﴾ أي بالموت أو ما يقرب منه ﴿نفسك عليهم﴾ أي بسبب ما هو فيه من العمى عن الجليات ﴿حسرات﴾ أي لأجل حسراتك المترادفة لأجل إعراضهم، جمع حسرة وهي شدة الحون على ما ما فات من الأمر.
ولما كان كأنه قيل : إنهم يؤذون اولياءك فيشتد أذاهم، وكان علم الولي القادر بما يعمل عدوه كافياً في النصرة، قال :﴿إن الله﴾ أي المحيط بجميع أوصاف الكمال ﴿عليم﴾ أي بالغ العلم، وأكده تنبيهاً على أن المقام صعب، ومن لم يثبت نفسه بغاية جهده زل لطول إملائه تعالى لهم وحلمه عنهم ﴿بما يصنعون*﴾ أي مما مرنوا عليه وانطبعوا فيه من ذلك حتى صار لهم خلقاً يبعد كل البعد انفكاكهم عنه.