ولما كان المعرض قد ساوى الميت في حاله التي هي عدم الانتفاع بما يرى ويسمع من الخوارق، فكان كأنه ميت، قال معبراً بالأسمية تنبيهاً على عدم إثبات ذلك له ﷺ :﴿وما أنت﴾ أي بنفسك من غير إقدار الله لك، وأعرق في النفي فقال :﴿بمسمع﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿من في القبور*﴾ أي الحسية والمعنوية، إسماعاً ينفعهم بل الله يسمعهم إن شاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، والآية دليل على البعث.
ولما كان هذا خاصة الإله، أشار إلى نفيه عنه مقصراً على وصف النذارة، إشارة إلى أن أغلب الخلق موتى القلوب، فقال مؤكداً للرد على من يظن أن النذير يقدر على هداية أو غيرها إلا بإقداره ﴿إن﴾ أي ما ﴿أنت إلا نذير*﴾ أي تنبه القلوب الميتة بقوارع الإنذار، ولست بوكيل يقهرهم على الإيمان، ولما كان ﷺ نبي الرحمة، وكان الاقتصار على هذا الوصف ربما أوهم غير ذلك، أتبعه قوله بياناً لعظمته ﷺ بالالتفات إلى مظهر العظمة ﴿أرسلناك﴾ أي إلى هذه الأمة إرسالاً مصحوباً ﴿بالحق﴾ أي الأمر الكامل في الثبات الذي يطابقه الواقع، فإن من نظر إلى كثرة ما أوتيته من الدلائل علم مطابقة الواقع لما تأمر به، والتقدير بالمصدر
٢١٨
يفهم أن الرسالة حق، وكلاًّ من المرسل والرسول محق ﴿بشيراً﴾ أي لمن أطاع ﴿ونذيراً﴾ أي لمن عصى، والعطف بالواو للدلالة على العراقة في كل من الصفتين.