ولما كان التصديق بالكتاب لازماً لكل من بلغه أمره، وكانت نسبة التكذيب إلى جميع الأمم أمراً معجباً، كان الأمر حرياً بالتأكيد لئلا يظن أنهم ما كذبوا إلا لعدم الكتاب، فأكد بإعادة الجار فقال :﴿وبالزبر﴾ أي الأمور المكتوبة من الصحف ونحوها من السنن والأسرار ﴿وبالكتاب﴾ أي جنس الكتاب كالتوراة والإنجيل ﴿المنبر*﴾ أي الواضح في نفسه الموضح لطريق الخير والشر كما أنك أتيت قومك بمثل ذلك وإن كان طريقك أوضح وأظهر، وكتابك أنور وأبهر وأظهر وأشهر.
ولما سلاه، هدد من خالفه وعصاه بما فعل في تلك الأمم فقال، صارفاً القول إلى الإفراد دفعاً لكل لبس، مشيراً بأداة التراخي إلى أن طول الإمهال ينبغي أن يكون سبباً للإنابة لا للاغترار بظن الإهمال :﴿ثم أخذت﴾ أي بأنواع الأخذ ﴿الذين كفورا﴾ أي ستروا تلك الآيات المنيرة بعد طول صبر الرسل عليهم ودعائهم لهم.
ولما كان أخذ
٢١٩
من قص أخباره منهم عند العرب شهيراً، وكان على وجوه من النكال معجبة، سبب عنه السؤال بقوله :﴿فكيف كان نكير*﴾ أي إنكاري عليهم، أي أنه إنكار يجب السؤال عن كيفية لهوله وعظمه، كما قال القشيري : ولئن أصروا على سنتهم في الغي فلن تجد لسنتنا تبديلاً في الانتقام والخزي.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٨


الصفحة التالية
Icon