وختم بالسابقين عقيب أهل القربات من الإعراب وأخر المرجين وعقبهم بأهل مسجد الضرار، وقدم سبحانه في الأحزاب المسلمين ورقى الخطاب درجة درجة إلى الذاكرين الله كثيراً، فهو سبحانه تارة يبدأ بالأدنى وتارة بالأعلى بحسب ما يقتضيه الحال كما هو مذكور في هذا الكتاب في محاله، وهذا على تقدير عود الضمير في ﴿منهم﴾ على ﴿الذين﴾ لا على ﴿العباد﴾ وهو مع تأيده بالمشاهدة وإن السياق لأن أهل العلم هو التالون لكتاب الله مؤيد بأحاديث لا تقصر - وإن كانت ضعيفة - عن الصلاحية لتقوية ذلك، فمنها ما رواه البغوي بسنده عن ابن الخطاب رضي الله عنه قرأ هذه الآية على المنبر وقال : قال رسول الله ﷺ :"سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له ".
وبسنده عن أبي الدرداء رضي الله عنه ان رسول الله ﷺ قرأ هذه الآية وقال "أما السابق بالخيرات فيدخل الجنة بغير حساب، وأما المقتصد فيحاسب حساباً يسيراً، وأما الظالم لنفسه فيحبس في المقام حتى يدخله الهم ثم يدخل الجنة" ثم قرأ ﴿الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن﴾.
وروي بغير إسناد عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ "كلهم من هذه الأمة ".
وقال ابن الجوزي بعد أن ذكر حديث حديث رضي الله عنه بغير سند : وروى
٢٢٦
الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ في هذه الآية قال : كلهم في الجنة.
وروى حديث أبي الدرداء رضي الله عنه الحافظ ابن عساكر في الكنى من تأريخ دمشق في ترجمة أخي زياد أو أبي زياد.
وأما على عود الضمير على العباد فقال ابن عباس رضي الله عنهما : السابق المؤمن المخلص، والمقتصد المرائي، والظالم الكافر نعمة الله غير الجاحد لها، وقال قتادة : الظالم أصحاب المشأمة، والمقتصد أصحاب الميمنة، والسابقون المقربون.


الصفحة التالية
Icon