وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما أوضحت سورة سبأ وسورة فاطر من عظيم ملكه تعالى وتوحده بذلك وانفراده بذلك بالملك والخلق والاختراع ما تنقطع العقول دون تصور أدناه، ولا تحيط من ذلك إلا بما شاء، وأشارت من البراهين والآيات إلى ما يرفع الشكوك ويوضح السلوك مما كانت الأفكار قد خمدت عن إدركها، واستولت عليها الغفلة فكانت قد جمدت عن معهود حراكها، ذكر سبحانه بنعمة التحريك إلى اعتبارها بثنائه على من اختاره لبيان تلك الآيات، واصطفاه لإيضاح تلك البينات، فقال تعالى ﴿يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم﴾ ثم قال ﴿لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهو غافلون﴾ فأشار سبحانه إلى ما تثمر نعمة الإنذار، ويبعثه التيقظ بالتذكار ؛ ثم ذكر علة من عمي بعد تحريكه وإن كان مسبباً عن الطبع وشر السابقة ﴿لقد حق القول على أكثرهم﴾ الآيات ؛ ثم أشار بعد إلى بعض من عمي عن عظيم تلك البراهين لأول وهلة قد يهتز عند تحريكه لسابق سعادته فقال تعالى :﴿إنا نحن نحيي الموتى﴾ فكذلك نفعل بهؤلاء إذا شئنا هدايتهم ﴿أو من كان ميتاً فأحييناه﴾ ثم ذكر دأب المعاندين وسبيل المكذبين مع بيان الأمر فقال ﴿واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية﴾ - الآيات، واتبع ذلك سبحانه بما أودع في الوجود من الدلائل الواضحة والبراهين فقال ﴿ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون﴾ الآية، ثم قال ﴿وآية لهم الأرض الميتة أحييناها﴾ إلى قوله :﴿أفلا تشكرون﴾ ثم قال ﴿وآية لهم الّيل نسلخ منه النهار﴾ ﴿وكل في فلك يسبحون﴾ ثم قال ﴿وآية لهم أنا حملنا ذريتهم﴾ إلى قوله :﴿إلى حين﴾ ثم
٢٤٤
ذكر إعراضهم مع عظيم هذه البراهين وتكذيبهم وسوء حالهم عند بعثهم وندمهم وتوبيخهم وشهادة اعضائهم بأعمالهم، ثم تناسجت الآية جارية على ما يلائم ما تقدم إلى آخر السورة - انتهى.


الصفحة التالية
Icon