وكل ما يأمرونكم به ؛ ثم نبههم على الداعي إلى اتباعخم والمانع من الإعراض عنهم بقوله، معداً الفعل دلالة على شدة اهتمامه به :﴿اتبعوا﴾ أي بغاية جهدكم ﴿من لا يسئلكم﴾ أي في حال من الأحوال ﴿أجراً﴾ ولما كان أفرد الضمير نظراً إلى لفظ " من " دلالة على وجوب الاتباع لمن اتصف بهذا الأمر الدال على الرسالة وإن كان واحداً، جمع بياناً للأولوية بالتظافر والتعاضد والاتفاق في الصيانة والبعد عن الدنس، الدال على اتحاد القصد الدال على تحتم الصدق فقال :﴿وهم مهتدون*﴾ أي ثابت لهم الاهتداء لا يزايلهم، ما قصدوا شيئاً إلا أصابوا وجه صوابه، فتفوزوا بالدين الموجب للفوز بالآخرة، ولا يفوتكم شيء من الدنيا، فأتى بمجاميع الترغيب في هذا الكلام الوجيز.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٥١
ولما أفهم السياق أنه قال : فإني اتبعتهم في عبادة الله، بنى عليه قوله جواباً لمن يلومه على ذلك وترغيباً فيما اختاره لنفسه وتوبيخاً لمن يأباه :﴿وما﴾ أي وأي شيء ﴿لي﴾ في أني ﴿لا أعبد الذي فطرني﴾ أي وإليه أرجع، فله مبدئي ومعادي، وما لكم لا تعبدون الذي فطركم ﴿وإليه﴾ أي لا لما دل عليه ثانياً، وإنكاره عليهم ثانياً بما دل عليه أولاً من إنكاره على نفسه استجلاباً لهم بإظهار الإنصاف، والبعد عن التصريح بالخلاف، وفيه تنبيه لهم على موجب الشكر، وتهديد على ارتكاب الكفر.