ولما كان ذلك ليس نصّاً في نفي المشي قال :﴿ولا إلى أهلهم﴾ أي فضلاً عن غيرهم ﴿يرجعون*﴾ بل يموت كل واحد في مكانه حيث تفجأه الصيحة، وربنا أفهم التعبير " إلى " أنهم يريدون الرجوع فيخطون خطوة أو نحوها، وفي الحديث " ليقومن من الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يبيعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد رفع الرجل أكلته إلى فيه فلا يطعمها ".
ولما دل ذلك على الموت قطعاً، عقبه بالبعث، ولذلك عبر فيه بالنفخ فإنه معروف في إفاضة الروح فقال :﴿ونفخ في الصور﴾ أي الذي أخذتهم صيحته، وجهله إشارة إلى أنه لا توقف له في نفس الأمر على نافخ معين ليكون عنه ما يريد سبحانه من الأثر، بل من أذن الله كائناً من كان تأثر عن نفخه ما ذكر، وإن كنا نعلم أم المأذون له إسرافيل عليه السلام.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٦٥
ولما كان هذا النفخ سبباً لقيامهم عنده سواء من غير تخلف، عبر سبحانه بما يدل على التعقب والتسبب والفجاءة فقال :﴿فإذا هم﴾ أي في حين النفخ ﴿من الأجداث﴾ أي القبور المهيأة هي ومن فيها لسماع ذلك النفخ ﴿إلى ربهم﴾ أي الذي أحسن إليهم بالتربية والتهيئة لهذا البعث فكفروا إحسانه، لا إلى غيره ﴿ينسلون*﴾ أي يسرعون المشي مع تقارب الخطى بقوة ونشاط، فيا لها من قدرة شاملة وحكمة كاملة، حيث كان صوت واحد يحيي تارة ويميت أخرى، كأنه ركب فيه من الأسرار أنه يكسب كل شيء ضد ما هو عليه من حياة أو موت أو غشي أو إفاقة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٦٥
ولما تشوفت النفس إلى سماع ما يقولون إذا عاينوا ما كانوا ينكرون، استانف قوله :﴿قالوا﴾ أي الذين هم من أهل الويل من عموم الذين الذين قاموا بالنفخة وهم جميع من كان قد مات قبل ذلك.


الصفحة التالية
Icon