مقول هو، والسلام يجمع جميع النعم، ثم بين هذا السلام بما أظهر من عظمه بقوله :﴿قولاً من رب﴾ أي دائم الإحسان ﴿رحيم*﴾ أي عظيم الإكرام بما ترضاه الألهية، كما كانوا في الدنيا يفعلون كل ما فيه الرضا، فيرحمهم في حال السلام وسماع الكلام بلذة الرؤية مع التقوية عن الدهش والصعق لعظيم الأمر وبالتأهيل لهذا المقام الأكرم مع قصورهم عنه، وقد أوضح هذا السياق أنه من اللع تعالى بلا واسطة، فإنه أكده بالقول وحرف الابتداء، وذكر صفات الإحسان كما قال الأستاذ أبو القاسم القشيري : ولا ارتياب في أنه لا شيء يعدل هذا في النعيم وقرة العين والشرف وعلو القدر، ولا شك أن هذا هو المقصود بالحقيقة، فهو قلب النعيم في ذلك اليوم الذي هو قلب الوجود حقاً خفاء وصلاحاً وفساداً، فصح أن هذه الآية قلب قلب هذه السورة كما كانت هذه السورة قلب القرآن، وقد ورد حديث في تفسير البغوي وكتاب المائتين للأستاذ أبي عثمان الصابوني أنه من الله تعالى بلا واسطة عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ "بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم فقال : السلام عليكم با أهل الحنة، وذلك قوله تعالى ﴿سلام قولاً من رب رحيم﴾ فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته في ديارهم ".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧١
قال الاستاذ أبو عثمان : هذا حديث غريب الإسناد والمتن لا أعلم إني كتبته إلا من هذا الوجه.