ويؤخذ من التسوير بكل ثم الجمع نظراً إلى المعنى، والإفراد لضمير الخاطف وللخطفة أنهم معزولون عن السمع جمعهم ومفردهم من الجمع، وأن الخطف يكون - إن اتفق - في الواحد لا الجمع ومن الواحد لا الجمع، وللكلمة وما حكمها لا أكثر، وإليه يشير حديث الصحيح " تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني " وأكد بعدهم يلإثبات حرف الغاية، فقال مضمناً ﴿سمع﴾ بعد قصره معنى " انتهى " أو " أصغى " ليكون المعنى : لا ينتهي سمعهم أو تسمعهم أو إصغاؤهم ﴿إلى الملأ﴾ أي الجمع العظيم الشريف،
٢٩٣
وأوضحت هذا المعنى قراءة من شدد السين والميم بمعنى يتسمعون، أي بنوع حيلة، تسمعاً منتهياً إلى ذلك، وهو يفهم أنهم يتسمعون، ولكن لا ينتهي تسمعهم إلى ما ذكر، بما أشار إليه الإدغام، ويشير أيضاً إلى أنهم يجتهدون في إخفاء أمرهم، وأفرد الوصف دلالة أيضاً على أن العطف يكون من واحد لا من جميع فقال :﴿الأعلى﴾ أي مكاناً ومكانة بحيث يلمؤون العيون بهجة والصدور هيبة.
ولما كان التقدير : لأنهم يطردون طرداً قوياً، دل عليه بالعاطف في قوله :﴿ويقذفون﴾ أي الشياطين يرمون رمياً وحياً يطردون، وبني للمفعول لأن النافع قذفهم لا تعيين قاذفهم، مع أنه أدل على القدرة الألهية عزت وجلت ﴿من كل جانب*﴾ أي من جوانب السماوات بالشهب إذا قصدوا السماع بالاستراق ﴿دحوراً﴾ أي قذفاً يردهم مطرودين صاغرين مبعدين، فهو تأكيد للقذف بالمعنى أو مفعول له أو حال.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٣


الصفحة التالية
Icon