وإنما كانوا من طين لأن أباهم آدم كان منه من غير أب ولا أم، فصاروا بهذا التقدير بعض الطين الذي هو بعض خلقه الذي عدده قبل ذلك سبحانه الذاتية التي لا يمتنع عليها مقدور، ولا يعجزها مأمور، فدل ابتداء خلقهم وخلق ما هو أشد منهم وأعظم على القدرة على إعادتهم قطعاً بل بطريق الأولى من غير وجه، وحسن هذا الاستفتاء كل الحسن ختم الكلام قبله بمن بلغوا السماء تكبراً وعلواً، وهموا بما لم ينالوا تجبراً وعلواً، وسلط عليهم ما يردهم مقهورين مبعدين مدحورين، واستثنى منهم من ﴿خطف﴾ ليعلم أنه غير محال ما تعلقت به منهم الآمال، هذا مع ذكره في خلقهم من الطين اللازب الذي من شأنه الرسوب لثقله والسفول كما أن من شأن من ختم بهم ما قبله العلو لخفتهم والصعود.
ولما كان من المعلوم قطعاً أن المراد بهذا الأمر بالاستفتاء إنما هو التبكيت لأن
٢٩٥


الصفحة التالية
Icon