قلت : لما برز أمن فيه كذب العير وإن كان برح، يقول : كذب إذ طمع أن يجنو، وإن كان برح وصعب على إمكان طعنه، وتطير ومن تيمن به بسلامته وخلاصة من الطاعن، وتطير من تيمن بالسانح بأنه يأتي من ميامنك إلى مياسرك، فيمكنك من طعنه، ومن تشاءم به تطير بقلة سلامته ووقوعه فيما يكره، ومن الطير الجابه وهو الذي يلقاك مواجهة، ومنه الناطح أيضاً ومنه القعيد، وهو الذي يأتيك من خلفك - انتهى ما وقفت عليه من كلام أهل اللغة في ذلك فافهم، والظاهر كما تفهمه الآية أن العرب مطبقة على أن ما أتى عن اليمين كان مباركاً سواء كان أتى من قدام مواجهاً لك ومر إلى جهة الخلف فوليتك ميامته، أو أتى من الجانب الأيمن سواء كان ابتداء إيتانه من خلف أو لا فمر من قدامك عرضاً إلى جهة اليسار، فوليتك في الحالتين مياسره، وما أتى من جهة اليسار على ضد ذلك كان مشؤوماً، وكأنهم اختلفوا في التسيمة فأكثرهم سمى الأول سانحاً من السنح بالضم وهو اليمن والبركة، وهو من قولهم : سنح لي رأي : تيسر - لشهرة معنى اليمن عندهم في ذلك، والثاني بارحاً من البرح، وهو الشدة والشر لشهرة هذا المعنى عندهم في مادة برح، وبعهضم عكس فسمى الأول بارحاً من البرحة، وهي الناقة تكون من خيار الإبل لشهرة ذلك عندهم، وسمى الثاني سانحاً من قولهم : سنحه عما أراد : صرفه، وسنح بالرجل وعليه : أخرجه أو أصابه بشر، فمن الاختلاف في التسمية أتى الخلاف، ولذلك عبر سبحانه وتعالى بالمعنى دون الاسم، لأن كلامه سبحانه لا يخص قوماً دون غيرهم، وأما التعليل بإمكان الطعن والرمي فلا معنى له لأن الإنسان ينفتل عن هيئة وقوفه بادنى حركة فينعكس بالنسبة إليه أمر المياسر والميامن، ويتغير حال الطعن والرمي، هذا إذا سلم أن الطعن والرمي يعسر من جهة المياسر على أنه غير مسلم، ولو كان المعنى دائراً عليه لما اختلف فيه إلا بالنسبة إلى الأعسر وغيره، لا بالنسبة إلى أهل العالية وغيرهم، وأما البيت الذي استدل به فيمكن