ولما قال لهم الرؤساء ما هو الحق من امرهم مما أوجب الحكم باشتراكهم، سبب عنه قوله تعالى مؤكداً دفعاً لمن يتوهم اختصاص العذاب بالسبب :﴿فإنهم﴾ أي الفريقين بسبب ما ذكروا عن أنفسهم ﴿يومئذ﴾ أي يوم إذ كان هذا القول بينهم ﴿في العذاب﴾ أي الأكبر ﴿مشتركون*﴾ أي في أصله، وهم مع ذلك متفاوتون في وصفه على مقادير كفرهم كما كانوا متشاركين في السبب متفاوتين في شدتهم فيه ولينهم - هذا وقد قال البخاري في صحيحه في تفسير حم السجدة : وقال المنهال عن سعيد : قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما : إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي قال ﴿فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون﴾ ﴿وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ ﴿ولا يكتمون الله حديثاً﴾ ﴿والله ربنا ما كنا مشركين﴾ فقد كتموا في هذه الآية، وقال :﴿السماء بناها﴾ إلى قوله :﴿دحاها﴾ فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال ﴿أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين﴾ إلى ﴿طائعين﴾ فذكر في هذه الآية خلق الأرض قبل السماء، وقال :﴿وكان الله غفوراً رحيماً﴾ ﴿عزيزاً حكيماً﴾ ﴿سميعاً بصيراً﴾ فكأنه كان ثم مضى، فقال :﴿فلا أنساب بينهم﴾ في النفخة الأولى ثم ينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض، إلا من شاء الله فلا أنساب عند ذلك ولا يتساءلون، ثم في النفخة الآخرة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون، وأما قوله ﴿ما كنا مشركين﴾ ﴿ولا يكتمون الله حديثاً﴾ فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، وقال المشركون : تعالوا نقول : لم نكن مشركين، فنختم على أفواههم فتنطق أيديهم، فعند ذلك عرف أن الله لا يكتم حديثاً، وعنده يود الذين كفروا - الآية، وخلق الأرض في يومين ثم خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ثم دحا الأرض، و﴿دحاها﴾ أي أخرج منها الماء والمرعى، وخلق الجبال والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله ﴿دحاها﴾ وقوله : خلق الأرض في يومين، فجعلت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام وخلقت السماوات في


الصفحة التالية
Icon