ولما كان في معرض المعارضة لتألبهم وشقاقهم، وتجمعهم على المناواة باطلاً واتفاقهم، ولما كانوا لما عندهم من العناد وحمية الجاهلية ربما أنكروا أن يكون هلاك هؤلاء الأحزاب لأجل التكذيب، وقالوا : هو عادة الدهر في الإهلاك والتخالف في
٣٦٦
أسباب الهلاك، قال مؤكداً بأنواع التأكيد :﴿إن﴾ أي ما ﴿كل﴾ من هذه الفرق كان لهلاكه سب من الأسباب ﴿إلا﴾ أنه ﴿كذب الرسل﴾ أي كلهم بتذكيب رسوله، فإن من كذب رسولاً واحداً مع ثبوت رسالته فقد استهان بمن أرسله، وذلك ملزوم لتكذيب جميع من يرسله لتساوي أقدام المعجزات التي ثبتت رسالتهم بها في إيجاب التصديق ﴿فحق﴾ أي فتسبب عن ذلك التكذيب أنه حق ﴿عقاب*﴾ أي ثبت عليه فلم يقدر على التخلص منه بوجه من الوجوه والعدول إلى إفراد الضمير مع أسلوب التكلم لأن المقام للتوحيد كما مضى وهو أنص على المراد، وتقدم السر في حذف الياء رسماً في جميع المصاحف، وقراءة عند أكثر القراء وفي إثباتها في الحالين ليعقوب وحده.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٦٦
ولما كان السياق للشقاق والإذعان للذكر الذي هو الموعظة ذات الشرف :
ولا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم
كان الحال مقتضياً للعقوبة بخلاف ما في " ق " فإن السياق لإنكارهم البعث وصحة النذارة وإثبات المجد، فكان الوعيد في ذلك كافياً.
ولما كان التقدير : فلقد أعقبنا كلاًّ من أولئك الأحزاب لما حق عليهم العقاب بنوع من الأنواع لا شك فيه عند أحد ولا ارتياب، عطف عليه قوله :﴿وما﴾ ولما كانت قريش في شدة العناد والتصميم على الكفر والاستكبار عن الإذعان للحق وتعاطي الجميع أسباب العذاب كأنهم ينتظرونه ويستعجلونه، عبر بما يدل على الانتظار.