ولما ظن هذا، سبب له تحقيق ما وصفه الله من الأوبة فعبر عن ذلك بقوله :﴿فاستغفر﴾ ولما استغرقته العظمة التي هذا مخرها، رجع إلى ذكر الإحسان واللطف فقال :﴿ربه﴾ أي طلب الغفران من مولاه الذي أحسن إليه بإحلاله ذلك المحل العظيم من أن يعود للحكم للأول بدون أن يسمع الآخر ﴿وخر﴾ أي سقط من قيامه توبة لربه عن ذلك، ولما كان الخرور قد يكون لغير العبادة قال :﴿راكعاً﴾ أي ساجداً لأن الخرور لا يكون إلا للسقوط على الأرض، ولأن النبي ﷺ فسره بالسجود فيما روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ سجد في " ص " وقال "سجدها داود توبة ونسجدها شكراً ".
وعين بالركوع عن السجود ليفهم أنه كان عن قيام وأنه في غاية السرعة لقوة الاهتمام به وتوفر الداعي إليه بحيث أنه وصل إلى السجود في مقدار ما يصل غيره إلى الركوع، قال ابن التياني في كتابه الموعب : وكل شيء يكب لوجهه فتمس ركبته الأرض بعد أن يطأطئ رأسه فهو راكع.
ابن دريد : الراكع الذي يكبو على وجهه - انتهى.
والركعة - بالضم : الهوة من الأرض، كأنها سميت بذلك لأنها تسقط فيها على الوجه، وكأنها هي أصل المادة، وقال في القاموس : ركع أي صلى، فحينئذ يكون المعنى : سقط مصلياً، ومعلوم أن صلاتهم لا ركوع فيها وقد تقدم ذلك في آل عمران والبقرة ﴿وأناب*﴾ أي تاب أي رجع عن أن يعود لمثلها.


الصفحة التالية
Icon