ولما أرشد السياق إلى أن المعنى : لأنهم غير مهتدين لأن الله لم يخلق الهداية في قلوبهم، نسق به قوله :﴿إن الله﴾ أي الملك القادر القاهر تنفيرا عنه قال :﴿لا يهدي﴾ أي لا يخلق الهداية في قلب ﴿من هو﴾ أي لضميره ﴿كاذب﴾ أي مرتكب الكذب عريق فيه حتى أداه كذبه إلى أن يقول على ملك الملوك أن شيئاً يقرب إليه بغير إذنه، ويخضع بالعبادة التي هي نهاية التعظيم، فهي لا تليق بغير من ينعم غاية الإنعام لمن لا يملك ضراً ولا نفعاً، ولم يعبر في الكذب بصيغة مبالغة لأن الذين السياق لهم لم يقع منهم كذب إلا في ادعائهم أنهم يقربونهم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٢
ولما كان من كفر في حين الدهر قد ضاعف كفره لكثرة ما على الوحدانية من الدلائل وما لله عليه من الإحسان، وكان هؤلاء الذين لهم السياق قد كفروا بتأهيلهم لشركائهم للعبادة ولعبادتهم بالفعل ولادعائهم فيهم التقريب قال ﴿كفار﴾ بصيغة المبالغة، والأحسن أن يقال : إن المبالغة لإفهام أن الذي لا يهديه إنما هو من ختم عليه سبحانه الموت على ذلك، قال القشيري : والإشارة إلى تهديد من يتعرض لغير مقامه ويدعي شيئاً ليس بصادق فيه فالله لا يهديه إلى ما فيه سداده ورشده، وعقوبته أن يحرمه ذلك الشيء الذي تصدى له بدعواه قبل تحققه بوجوه وذوقه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٢
ولما أخبر سبحانه بالحكم بينهم، فكان ذلك مع تضمنه التهديد وافياً ينفي الشريك، كافياً في ذلك لأن المحكوم فيه لا يجوز أن يكون قسيماً للحاكم، فلم يبق في ذيء من ذلك شبهة إلا عند ادعاء الوليدة، قال نافياً لها على سبيل الاستئناف جواباً لمن
٤١٨


الصفحة التالية
Icon