جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤١٨
ولما ظهرت الأدلة وبهرت الحجج، بين ما على من غطاها بالإصرار، وما لمن تاب ورجع التذكار، فقال مستأنفاً لما هو نتيجة ما مضى، معرفاً لهم نعمته عليهم بأنه ما
٤٢٣
تعبد لشيء يخصه من نفع أو ضر، وإنما هو لمصالحهم خاصة بادئاً بما هو من درء المفاسد :﴿إن تكفروا﴾ أي تستروا الأدلة فتصروا على الانصراف عنه بالإشراك ﴿فإن الله﴾ لأنه جامع لصفات الكمال ﴿غني حكيم﴾ أي فلا يضره كفركم ولا تنفعه طاعتكم، وأما أنتم فلا غنى لكم عنه بوجه، ولا بد أن يحكم بينكم فلم تضروا إلا أنفسكم ﴿ولا يرضى﴾ لكم - هكذا كان الأصل بدليل ما سبقه ولحقه، وإنما أظهر ليعم وليذكرهم بما يجدونه في أنفسهم من أن أحداً منهم لا يرضى لعبده أن يؤدي خرجه إلى غيره بغير إذنه فقال :﴿لعباده﴾ أي الذين تفرد بإيجادهم وتربيتهم ﴿الكفر﴾ بالإقبال على سواه وأنتم لا ترضون ذلك لعبيدكم مع أن ملككم لهم في غاية الضعف، ومعنى عدم الرضى أنه لا يفعل فعل الراضي بأن يأذن فيه ويقر عليه أو يثيب فاعله ويمدحه، بل يفعل فعل الساخط بأن بأن ينهى عنه ويذم عليه ويعاقب مرتكبه ﴿وإن تشكروا﴾ أي بالعبادة والإخلاص فيها ﴿يرضه﴾ أي الشكر الدال فعله ﴿لكم﴾ أي الرضى اللائق بجنابه سبحانه بأن يقركم عليه أو يأمركم به ويثيبكم على فعله، والقسمان بإرادته، واختلاف القراء في هائه دال على مراتب الشكر - والله أعلم، فالوصل للواصلين إلى النهاية على اختلاف مراتبهم في الوصول والاختلاس للمتوسطين والإسكان لمن في الدرجة الأولى منه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٢٣


الصفحة التالية
Icon