التنور أعلاه ضيق وأسفله، توقد تحته نار، فإذا فيه رجال ونساء عراة فيأتيهم اللهيب من تحتهم فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا يخرجون فإذا خمدت رجعوا فذكره" وهو طويل عظيم، ثم فسرهم بالزناة.
ولما كان هذا أمراً مهولاً، وهو لا يرهبونه ولا يرجعون عن غيّهم به، ذكر فائدته مع الزيادة في تعظيمه فقال :﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم الشأن ﴿يخوف الله﴾ أي الملك الأعظم الذي صفاته الجبروت والكبر ﴿به عباده﴾ أي الذين لهم أقلية الإقبال عليه ليزدادوا إيماناً فيعيذهم منه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣١
ولما أهلهم للإضافة إليه وخوفهم سطواته، أقبل عليهم عند تهيئتهم للاستماع منبهاً على أنه تخويف استعطاف فقال :﴿يا عباد فائقون*﴾ أي سببوا عن ذلك أن تجعلوا بينكم وبين ما يسخطني وقاية مما يرضيني لأرضى عنكم.
ولما ذكر ما لمن عبد الطاغوت، عطف عليه أضدادهم ليقترن الوعد بالوعيد، فيحصل كمال الترغيب والترهيب فقال :﴿والذين اجتنبوا﴾ أي كلفوا أنفسهم ذلك لما لها في الانسياق إليه من الهوى مع تزيين الشيطان " حفت النار بالشهوات " ولما كان للإجمال ثم البيان موقع عظيم، قال :﴿الطاغوت﴾ وهو كل ما عبد من دون الله، فلغوت من الطغيان وهو صيغة مبالغة، وفيه مبالغة أخرى بجعل الذات عين المعنى، ودل على عكس من تبعها بتعكيس حروفها، ولما ذكر اجتنابها مطلقاً ترغيباً فيه، بين خلاصة ما يجتنب لأجله مع التنفير منها بتأنيثها الذي أبصره المنيبون بتقوية الله لهم عليها حتى كانوا ذكراناً وهو إناثاً عكس ما تقدم للكفار في البقرة، فقال مبدلاً منها يدل اشتمال :﴿أن يعبدوها﴾.


الصفحة التالية
Icon