وقال الأستاذ أبوة القاسم القشيري : والنور الذي من قبله سبحانه نور اللوائح بنجوم العلم، ثم نور اللوامع ببيان الفهم، ثم نور المحاضرة بزوائد اليقين، ثم نور المكاشفة بتجلي الصفات، ثم نور المشاهدة بظهور الذات، ثن نون المحاضرة بزوائد اليقين، ثم نور المكاشفة بتجلي الصفات، ثم نور المشاهدة بظهور الذات، ثم أنوار الصمدية بحقائق التوحيد، فعند ذلك لا وجد
٤٣٧
ولا قصد، ولا قرب ولا بعد، كلا بل هو الله الواحد القهار، وذلك كما قيل : المؤمن بقوة عقله يوجب استقلاله بعمله إلى أن يبدو ومنه كمال تمكنه من وقادة بصيرته، ثم إذا بدا له لائحة من سلطان المعارف تصير تلك الأنوار مقمرة، فإذا بدت أنوار التوحيد استهلكت تلك الجملة، فلما استبان الصبح أدرج ضوءه بأنواره أنوار تلك الكواكب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٣٥
ولما كان من المستبعد جداً أن يقسو قلب من ذكر الله، بينه الله وصوره في أعظم الذكر فإنه كان للذين آمنوا هدى وشفاء، وللذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وفي أبصارهم عمى، فقال مفخماً للمنزل بجعل الاسم الأعظم مبتدأ وبناء الكلام عليه :﴿الله﴾ أي الفعال لما يريد الذي له مجامع العظمة والإحاطة بصفات الكمال ﴿نزّل﴾ أي بالتدريج للتدريب وللجواب عن كل شبهة ﴿أحسن الحديث﴾ وأعظم الذكر، ولولا أنه هو الذي نزله لما كان الأحسن، ولقدر - ولو يوماً واحداً - على الإيتان بشيء من مثله، وأبدل من " أحسن " قوله :﴿كتاباً﴾ أي جامعاً لكل خير ﴿متشابهاً﴾ أي في البلاغة المعجزة والموعظة الحسنة، لا تفاوت فيه أصلاً في لفظ ولا معنى، مع كونه نزل مفرقاً في نيف وعشرين سنة، وأما كلام الناس فلا بد فيه من التفاوت وإن طال الزمان في التهذيب سواء اتحدج زمانه أو لا، والاختلاف في المختلف في الزمان أكثر، ولم يقل : متشبهاً، لئلا يظن أنه غير واضح الدلالة لا يمدح به.


الصفحة التالية
Icon