ولما كان مفصلاً إلى سور وآيات وجمل، وصفه بالجمع في قوله :﴿مثاني﴾ جمع مثنى مفعل من التثنية بمعنى التكرير أي تثنى فيه القصص والمواهظ والأحكام والحكم، مختلفة البيان في وجوه من الحكم، متفاوتة الطرق في وضوح الدلالات، من غير اختلاف أصلاً في أصل المعنى، ولا يمل من تكراره، وترداد قراءته وتأمله واعتباره، مع أن جميع ما فيه أزواج من الشيء وضده : المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، والرحمة العامة والرحمة الخاصة، والجنة والنار، والنعيم والشقاء والضلال والهدى، والسراء والضراء، والبشارة والنذارة، فلا ترتب على شيء من ذلك جزاء صريحاً إلا ثني بإفهام ما لضده تلويحاً، فكان مذكوراً مرتين، ومرغباً فيه أو مرهباً منه كرتين، ويجوز أن يكون التقدير : متشابهة مثانيه، فيكون نصبه على التمييز، وفائدة التكرير أن النفوس أنفي شيء عن حديث الوعظ والنصيحة، فما لم يكرر عليها عوداً على ما بدء لم يرسخ عندها ولم يعمل عمله، ومن ثم كان النبي ﷺ يكرر قوله ثلاث مرات فأكثر.
ولما كان التكرار يمل، ذكر أن من خصائص هذا الكتاب أنه يطرب مع التكرار،
٤٣٨


الصفحة التالية
Icon