بميزان قسط لا يخيس شعيرة له شاهد من نفسه غير عائل
ضافت النفوس من خوف الطول، فخفف عنها بقوله معلماً أن أموره على غير ما يعهدونه، ولذلك أكد وعظم باظهار الاسم الأعظم :﴿إن الله﴾ أي التام القدرة الشامل العلم ﴿سريع الحساب*﴾ أي بليغ السرعة فيه، لا يشغله حساب أحدج عن حساب غيره في وقت حساب ذلك الغير، ولا يشغله شأن من شأن لأنه لا يحتاج إلى تكلف عد، ولا يفتقر إلى مراجعة كتاب، ولا شيء، فكان في ذلك ترجية للفريقين وتخويف، لأن الظالم يخشى إسراع الأخذ بالعذاب، والمؤمن يرجو إسراع البسط بالثواب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٩٢
ولما تم هذا على هذا الوجه المهول، وكان يوم القيامة له أسماء تدل على أهواله باعتبار مواقفه وأحواله، منها يوم البعث وهو ظاهر، ومنه يوم التلاق لما تقدم، ومنها يوم التغابن لغبن أكثر من فيه خسارته، ومنها يوم الآزفة لقربه وسرعة أخذه، وكان كأنه قيل خطاباً للنبي ﷺ : وأمن ممن ألقينا هذا الروح الأعظم من أمرنا فأنذرهم ما مضى من يوم التلاقي وما عقبناه به، عطف عليه قوله زيادة في بيان هوله إعلاماً بأنه مع ثبوته وثبوت التلاقي فيه قريب تحذيراً من تزيين إبليس للشهوات وتقريره بالتسويف بالتوبة :﴿وأنذرهم﴾ أي هؤلاء المعرضين إعراض من لا يجوز الممكن ﴿يوم الآزفة﴾ أي الحالة الدائبة العاجلة السريعة جداً مع الضيق في الوقت وسوء العيش لأكثر الناس، وهي القيامة، كرر ذكرها الإنذار منها تصريحاً وتلويحاً تهويلاً لها وتعظيماً لشأنها.
ولما ذكر اليوم، هول أمره بما يحصل فيه من المشاق فقال :﴿إذ القلوب﴾ أي من كل من حضره.


الصفحة التالية
Icon