وللشيخين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :"ترد عليّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل عن إبله، قالوا : يا نبي الله! تعرفنا ؟ قال : نعم، لكم سيما ليست لغيركم تردون عليّ غرّاً محجلين من آثار الوضوء، ولتصدن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول يا رب هؤلاء اصحابي، فيجيبني ملك فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟ وفي رواية : بينما أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج من بيني وبينهم رجل، فقال : هلم ؛ فقلت : إلى أين ؟ فقال : إلى النار والله، فقلت : ما شأنهم، فقال : إنهم ارتدوا على أدبارهم فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم.
أي ضوالها - أي الناجي قليل، وفي رواية لمسلم في الوضوء : ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم، فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول : سحقاً سحقاً ".
قال المنذري : والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٩٦
٥٠٢
ولما وعظهم سبحانه بصادق الأخبار عن قوم نوح ومن تبعهم من الكفار، وختمه بالإنذار يما يقع في دار القرار للظالمين الأشرار، أتبعه الوعظ والتخويف بالمشاهدة من تتبع الديار والاعتبار، بما كان لهم فيها من عجائب الآثار، ومن الحصون والقصور وسائر الأبنية الصغار والكبار، فقال موبخاً ومقرراً عاطفاً على ما تقديره ألم يتعظوا بما أخبرناهم به من الظالمين الأولين من تبعهم من الإهلاك في الدنيا المتصل بالشقاء في الأخرى :﴿أو لم يسيروا﴾ ولما كان المتقدمون من الكثرة والشدة والمكنة بحيث لا يعلمه إلا الله ولا يقدر آدمي على الإحاطة بمساكنهم، نبه عليه بقوله :﴿في الأرض﴾ أي أي أرض ساروا فيها وعظمتهم بما حوت من الأعلام.
ولما كان السير سبباً للنظر قال :﴿فينظروا﴾ أي نظر اعتبار كما هو شأن أرباب البصائر الذين يزعمون أنهم أعلاهم.


الصفحة التالية
Icon