وأصله عند النسائي والطيالسي وأبي يعلى، وكذا ما روى صاحب الفردوس عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ :"ما السماوات السبع في عظمة الله إلا كجوزة معلقة" وقوله تعالى :﴿وسع كرسيه السماوات والأرض﴾ [البقرة : ٢٥٥] يدل على أن الكرسي محيط بالكل من جميع الجوانب وقوله تعالى :﴿إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا﴾ [الرحمن : ٣٣] صريح في ذلك، فإن النفوذ يستعمل في
٥١
الخرق لا سيما مع التعبير بـ :" من " دون " في "، وكذا قوله في السماء ﴿ومالها من فروج﴾ والله الموفق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٤٥
ولما تقرر هذا من عالم الأشباح والخلق، ثم عالم الأرواح والأمر، فدل ذلك على شمول القدرة، وكان شامل القدرة لا بد وأن يكون محيط العلم، كانت نتيجته لا محالة :﴿ذلك﴾ أي الإله العالي المقدار، الواضح المنار ﴿عالم الغيب﴾ الذي تقدمت مفاتيحه آخر التي قبلها من الأرواح والأمر والخلق.
ولما قدم علم الغيب لكونه، أعلى وكان العالم به قد لا يعلم المشهود لكونه لا يبصر قال :﴿والشهادة﴾ من ذلك كله منها القرآن عليك ووصوله إليك ﴿العزيز﴾ الذي يعجز كل شيء ولا يعجزه شيء.
ولما كان ربما قدح متعنت في عزته بإهمال العصاة قال :﴿الرحيم﴾ أي الذي خص أهل التكليف من عباده بالرحمة في إنزال الكتب على السنة الرسل، وأبان لهم ما ترضاه الإلهية، بعد أن عم جميع الخلائق بصفة الرحمانية بعد الإيجاد من الإعدام بالبر والإنعام.