ولما كان الجدال بالتي هي أحسن مشروعاً، وهو بما أمر به قال :﴿بغير سلطان﴾ أي تسليط ودليل ﴿أتاهم﴾ أي من عند من له الأمر كله ﴿كبر﴾ أي عظم هو، أي الجدال المقدر مضافاً قبل ﴿الذين﴾ وبين ما أبهم من هذا العظم بتمييز محول عن الفاعل فقال :﴿مقتاً عند الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿وعند الذين آمنوا﴾ أي الذين هم خاصته.
ولما كان فاعل هذا لا يكون إلا مظلم القلب، فكان التقدير : أولئك طبع الله على قلوبهم، وصل به استنافاً قوله :﴿كذلك﴾ أي مثل هذا الطبع العظيم ﴿يطبع﴾ أي يختم ختماً فيه العطب ﴿الله﴾ أي الذي له جميع العظمة ﴿على كل قلب﴾ ولما كان فعل كل ذي روح إنما هو بقلبه، نسب الفعل إليه في قراءة أبي عمرو وابن عامر في إحدى الروايتين عنه بالتنوين فوصفه بقوله :﴿متكبر﴾ أي متكلف ما ليس له وليس لأحد غير السور داخل القلب ليعم جميع أفراده غير أن الوصف بالكبر والجبروت للشخص لا للقلب، وهي أبين من القراءة ممن اتصف بهذا الوصف، ومن المقطوع به أن آحاد القلوب موزعة على أحاد الأشخاص لأنه لا يكون لشخص أكثر من قلب بخلاف ما إذا قدم القلب فإنه يدعي أن الشخص الواحد، وأن السور لأجل جمعه لأنواع الكبر والجبروت فيكون المعنى : على قلب شخص جامع لكل فرد من أفراد التكبر والتجبر - والله الموفق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥١٣


الصفحة التالية
Icon