ولما كان لفظ ﴿سواء﴾ الذي هو بمعنى العدل الذي لا يزيد عن النصف ولا ينقص يطلب اثنين، تقول : سواء زيد وعمرو ﴿إلى كلمة سواء بيننا وبينكم﴾ قال تعالى مزيلاً لما أوهمه قوله :﴿أربعة أيام﴾ من أنها للأقوات والبركة ليكون مع يومين من الأرض ستة، ناصباً على المصدر :﴿سواء﴾ أي التوزيع إلى يومين ويومين على السواء ﴿للسائلين*﴾ أي لمن سأل أو كان بحيث يسأل ويشتد بحثه بسؤال أو نظر عن التوفيق بين ظاهر هذه الآية وبين غيرها، لا بد في كل يوم منها من زيادة عن الذي قبله أو نقص، ومجموع الأربعة كأربعة من أيام الدنيا لا تزيد عليها ولا تنقص، وقراءة يعقوب بجر " سواء " معينة لأن تكون نعتاً لـ " أربعة " وقراءة أبي جعفر بالرفع خبر لمبتدأ محذوف، وعن خلقها وتتميمها في أربعة أيام كانت فصولها أربعة، قال ابن برجان : ألا
٥٥٦
ترى الأمر إلى السماء أولاً في إنزال الماء فيخلقه فيما هنالك ثم ينزله إلى الأرض والنبات والحيوان عن الماء الذي ينزل من السماء إلى الأرض بمنزلة النسل بين الذكر والأنثى وبمنزلة تسخير السماء والأرض وما بينهما لما وجدنا له فافهم - أمر قويم وحكمة شائعة آية قضاؤه بركات الأرض في أربعة أيام بواسطة ما قدر في السماء من أمر وهي الأربعة الفصول من السنة.
الشتاء الربيع الصيف والخريف، فهذه الأيام معلومة بالمشاهدة، فيهن يتم زرع الأرض وبركات الدنيا وجميع ما يخرجه منها من فؤائد وعجائب، قال : وقوله " السائلين " تعجيب وإغراب وتعظيم للمراد المعنى بالخطاب، وقد يكون معنى السواء زائداً إلى ما تقدم أن بهذه الأربعة الأيام استوت السنة مطالعها ومغاربها وقربها وبعدها وارتفاعها ونزولها في شمالي بروجها وجنوبيها باحكام ذلك كله وتوابعه - انتهى.


الصفحة التالية
Icon