ولما كان هذا القدر من العلم موجباً للانقياد لكل خير من الوحدانية وغيرها، والإقبال على الحق في كل أمر، فكان المتمادي على إعراضه قبل الوعظ به كأنه جدد إعراضاً غير إرعراضه الأول، قال مفصلاً بعض قوله ﴿فأعرض أكثرهم﴾ :﴿فإن أعرضوا﴾ أي استروا على إعراضهم، أو أعرض غيرهم عن قبول ما جئتهم به من الذكر بعد هذا البيان الواضح في هذه الآيات التي دلت على الوحدانية والعلم والقدرة وغيرها من صفات الكمال أتم دلالة ﴿فقل﴾ أي لهم : إن لكم سلفاً سلكتم طريقهم في العناد، فإن أبيتم إلا الإصرار ألحقناكم بهم كأمثالهم وهو معنى ﴿أنذرتكم صاعقة﴾، أي حلول صاعقة مهيأة لمن كشف له الأمر فعاند، فإن وظيفة الحجة قد تمت على أكمل الوجوه، قال البغوي وابن الجوزي : والصاعقة المهلكة من كل شيء - انتهى.
والحاصل أنه عذاب شديد الوقع كأنه في شدة وقعه صاعقة.


الصفحة التالية
Icon