الثامنة يكون الفتح الحقيقي بعشرة آلاف مقاتل أكثرهم دارع لا يُرى منهم إلا الحدق، حتى خالوا بياض لأمهم السراب، فظنوا بهم غاية العذاب، فكانوا رحمة، وعاد رأوا السحاب فظنوه رحمة فكان عذاباً ونقمة، ووصفها بالنحس مبالغة مثل رجل عدل ليدل على أنها كانت قابلة لانفعال الجسد وما كان فيه من القوى بهذه الريح، وهو مصدر جمع لاختلاف أنواع النحس فيها - هذا على قراءة الجماعة بسكون الحاء، وأما قراءة ابن عامر والكوفيين بكسر الحاء فهي صفة من فعل بالكسر مثل : فرح فهو فرح، وأول هذه الأيام الأربعاء في قول يحيى بن سلام، وقال غيره : وما عذب قوم إلا يوم الأربعاء ﴿لنذيقهم﴾ وأضاف الموصوف إلى صفته على المبالغة من وادي رجل عدل فقال :﴿عذاب الخزي﴾ أي الذي يهيئهم ويفضحهم ويذلهم بما تعظموا وافتخروا على كلمة الله التي أتتهم بما رسله، وصف العذاب بالخزي الذي هو للمعذب به مبالغة في إخزائه له ﴿في الحياة الدنيا﴾ ليذلوا عند من تقيد بالوهم ﴿ولَعذاب الآخرة﴾ الذي أعد للمتكبرين ﴿أخزى﴾ أي أشد إخزاء كما قالوا : هو أعطاهم للدراهم وأولادهم للمعروف، وأكد لإنكارهم له.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥٥٩
ولما انتفت مدافعتهم عن أنفسهم، نفى دفع غيرهم فقال :﴿وهم﴾ أي أصابهم هذا العذاب وسيصيبهم عذاب الآخرة والحال أنهم ﴿لا يُنصرون*﴾ أي لا يوجد ولا يتجدد لهم نصر أبداً بوجه من الوجوه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥٥٩


الصفحة التالية
Icon