اتسق الابتداء فيها فيما كان من حرفين جمعهما مخرج بالأعلى ثم بالأدنى إشارة إلى أنه يكون لأهل هذا الدين بعد الظهور بطون كما كان في ألو الإسلام حيث حصر النبي ﷺ وأقاربه في الشعب، وذلك أيضاً إشارة إلى أنه من تحلية الظاهر ينتقل إلى تصفية الباطن من زين ظاهره بجمع الأعمال الصالحة صحح الله باطنه بالمراقبة الخالصة الناصحة على أن في هذا التدلي بشرى بأن الحال الثاني يكون أعلى من الأول، كما كان عند الظهور من الشعب بما حصل من نقض الصحيفة الظالمة الذي كان الضيق سبباً له، لأن الثاني من مراتب هذه الحروف أقوى صفة مما هو أعلى منه مخرجاً، فإن الحاء له من الصفات الهمس والرخاوة والاستفال والانفتاح والميم له من الصفات والجهر والشدة والانفتاح والاستفال وبين الشدة والرخاوة، والعين لها من الصفات ما للميم سواء، والسين لها من الصفات ما للحاء، وتزيد بالصفير، والقاف له من الصفات الجهر والشدة والانفتاح والاستعلاء والقلقلة فالحرف الأول أكثر صفاته الضعف، ويزيد بالإمالة التي قرأ بها كثر من القراء، والثاني والثالث على السواء، وهما إلى القوة أرجح قليلاً، وذلك كما تقدم من وسط الحال عند الخروح من الشعب، والرابع فيه قوة وضعف وضعفه أكثر، فإن فيه للضعف ثلاث صفات وللقوة صفتين، وذلك كما كان حال النبي ﷺ عند آخر أمره بمكة المشرفة حين مات الوزيران خديجة رضي الله عنها وأبو طالب لكن ربما كانت الصفتان القويتان عاليتين على الصفات الضعيفة بما فيهما بالانتشار بالصفير والجمع الذي مضت الإشارة إليه من الإشارة إلى ضخامة تكون باجتماع أنصار كما وقع من بيعة الأنصار، والخامس وهو الأخير كله قوة كما وقع بعد الهجرة عند اجتماع الكلمة وظهور العظمة، كما قال ﷺ :"فلما هاجرنا انتصفنا من القوم وكانت سجال الحرب بيننا وبينهم" ثم تكاملت القوة عند تكامل الاجتماع بعد قتال أهل الردة بعد موته صلى