اليسار ثم وضعت على هانجة ظلم أو جور استولى عليه بحكم إحاطة حكمة الله، وكانت خمسها مضافة إلى خمس ﴿كهيعص﴾ المستولية على حكمة اليمين محيطاً ذلك بالعشر المحيط بكل الحكمة التي مسندها الياء الذي هو أول العشر ومحل الاستواء بما هو عائد وحدة الألف - انتهى.
ولما كانت هذه الحروف - والله أعلم - مشيرة إلى الاجتماع كما أشار إليه آخر السورة الماضية، قال الله سبحانه وتعالى :﴿كذلك﴾ أي مثل هذه الإيحاء العظيم الشأن
٥٩٦
الذي أخبرك به ربك صريحاً أول " فصلت " من أن الإله إله واحد وآخرها من أنه ما يقال لك غلا ما قد قيل للرسل من قبلك، ومن أنه يجمع أمتك على هذا الدين بما يتبين لهم أن هذا القرآن هو الحق بما يريهم من الآيات البينات والدلالات الواضحات في الآفاق وفي أنفسهم وبشهادته سبحانه باعجاز القرآن لجميع الإنس والجان ولا سيما إذا أقدم ضال على معارضته كمسيلمة فإنه يتبين لهم الأمر بذلك غاية البيان " وبضدها تتبين الأشياء " ورمز لك به سبحانه تلويحاً اول هذه السورة بهذه الأحرف المقطعة التي هي أعلى وا إلى من الجواهر المرصعة - إلى مثل ذلك، فهما نوعان من الوحي : صريح وعبارة، وتلويح وإشارة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥٩٣
ولما كان المقصود الإفهام لأن الإيحاء منه سبحانه عادة مستمرة إلى جميع أنبيائه ورسله والبشارة له ﷺ بتجديده له، مدة حياته تثبيتاً لفؤاده، ودلالة على دوام وداده، عبر بالمضارع الدال على التجدد والاستمرار، وتقدم في أول البقرة نقلاً عن أبي حيان ومن قبله الزمخشري وغيره أنه قد لا يلاحظ منه زمن معين، بل يراد مطلق الوجود فقال :﴿يوحة إليك﴾ أي سابقاً ولاحقاً ما دمت حياً لا يقطع ذلك عنك أصلاً توديعاً ولا قلى بما يريد من أمره مما يعلى لك مقدارك، وينشر أنوارك ويعلي منارك.