ولما كان الاهتمام بالوحي لمعرفة أنه حق - كما أشارت إليه قراءة ابن كثير بالبناء للمفعول - والموحي إليه لمعرفة أنه رسول حقاً وكان المراد بالمضارع مجرد إيقاع مدلوله لا يفيد الاستقبال صح أن يتعلق به قوله مقدماً على الفاعل :﴿وإلى الذين﴾ والقائم مقام الفاعل في قراءة ابم كثير ضمير يعود على " كذلك ".
ولما كان الرسل بعض من تقدم في بعض أزمنة القبل، ادخل الجار فقال :﴿من قبلك﴾ أي من الرسل الكرام والأنبياء الأعلام، بأن أمتك أكثر الأمم وأنك أشرف الأنبياء، وأخذ كل منهم العهد باتباعك، وأن يكون من أنصارك وأشياعك.
ولما قدم ما هو الأهم من الوحي والموحى إليه، أتى بفاعل ﴿يوحي﴾ في قراءة العامة فقال :﴿الله﴾ أي الذي له الإحاطة بأوصاف الكمال.
وهو مرفوع عند ابن كثير بفعل مضمر تقديره الذي يوحيه.
ولما كان نفوذ الأمر دائراً على العزة والحكمة قال :﴿العزيز﴾ أي الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء ﴿الحكيم*﴾ الذي يضع ما يصنعه في أتقن محاله، فلأجل ذلك لا يقدر على نقض ما أبرمه، ولا نقص ما أحكمه.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تضمنت سورة غافر ما تقدم من بيان حالي المعاندين والجاحدين، وأعقبت بسورة السجدة بياناً أن حال كفار العرب في ذلك كحال من تقدمه وإيضاحاً لأنه الكتاب العزيز وعظيم الكتاب العزيز وعظيم برهانه، ومع ذلك فلم يجد على من
٥٩٧