ولما أخبر عن حال المتقدمين، وكان من في زمانه صلى الله عليه ولم من أهل الكتاب يدعون غاية العلمل بها والاجتماع عليها، وهي كلها إلى المبادرة إلى إرث هذا الكتاب الخاتم الجامع، وكان بعضهم يتلبس بالتنسك والإعراض عن الدنيا وغير ذلك مما يقتضي أنه على بصيرة من أمره، وإنكار أن يكون عنده نوع شك، قال على وجه يعم غيرهم، مؤكداً تنبيهاً على ذلك :﴿وإن الذين﴾ ولما كان المراد الوصول إلى الكتاب من غير منازع، ولم تدع حاجة إلى العلم بالموصل، بني للمفعول قوله :﴿أورثوا الكتاب﴾ أي الكامل الخاتم، وهم هذه الأمة بما نسخ كتابهم ما تقدمه كان غيرهم كأنه مات، فورثوا كما قال تعالى ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا﴾ [فاطر : ٣٢] فكان حالهم في تمكنهم من التصرف في الكتاب بالحفظ والفهم وعدم المنازع في ادعائه حال الوارث والموروث منه فقال :﴿من بعدهم﴾ أي المتفرقين، وأثبت الجار لعدم استغراق الزمان ﴿لفي شك منه﴾ أي إيراث للكتاب المقتضي للاجتماع لا للتفرق لما فيه من الخير، وذلك لعملهم عمل الشاك فيقولون : إنه سحر وشعر وكهانة، ونحو ذلك، وأن الآتي به غير صادق بعد اطلاعهم على ما اتى به من المعجزات وبعد معرفتهم به، أما العرب ومن ساكنهم من أهل الكتاب فبإعجازه مع ما في أهل الكتاب من البشارة به، وأما غير من ساكنهم فبدعوة كتابهم ﴿مريب*﴾ أي موقع في التهمة الموقعة في كتابنا، ويجوز أن يكون الضمير لأهل الكتاب خاصة والكتاب كتابهم، وشكهم فيه عملهم بغير ما دعاهم إليه من اتباع كتابنا باتباع نبينا صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon