جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٢٠
ولما علم قطعاً أن التقدير : فلولا أن هذه الأفعال التي يفعلونها من غير إذن منه لا تنقص من ملكه سبحانه شيئاً، ولا تضر إلا فاعلها مع إنها بإرادته، فكانت لمنعهم عنها لم يصلوا إلى شيء منها، عطف عليه قوله تعالى :﴿ولولا كلمة الفصل﴾ التي سبق في الأزل أنها لا تكون ولما كان أمرهم هيناً، بني الفعل للمفعول، فقال :﴿لقُضي بينهم﴾ أي بين الذين امتثلوا أمره فالتزموا شرعه وبين الذين اتبعوا ما شرعوه لمن سموهم شركاء في أقرب وقت ولكنه قد سبق القضاء في أزل الأزل بمقادير الأشياء وتحديدها على وجوه الحكمة، فهي تجري على حد لها ولا تقدم لشيء منها ولا تأخر ولا تبدل ولا تغير، وستنكشف لكم الأمور وتظهر مخبآت المقدور فلا يقع الفصل إلا في الآخرة كما سبق به القضاء بأن يكون للمقسطين نعيم مقيم.
٦٢١
ولما كانوا ينكرون أن يقع بهم عذاب، قال مؤكداً عطفاً على ما قدرته بما أرشد إليه السياق :﴿وإن الظالمين﴾ بشرع ما لم يأذن به الله من الشرك وغيره ﴿لهم عذاب أليم*﴾ أي مؤلم إيلامه.
ولما علم من هذا السياق كما ترى أنه لا بد من الفصل، وأن الفصل لا يكون إلا يوم القيامة، قال شارحاً للفصل بين الفريقين في ذلك اليوم مقبلاً على خطاب أعلى الخلق إشارة إلى أن هذا لا يفهمه حق الفهم ويوقن به حق الإيقان غيره ﷺ، أو يكون المراد كل من يصح أن يخاطب إشارة إلى أن الأمر في الوضوح بحيث لا يختص به أحد دون أحد فقال :﴿ترى﴾ أي في ذلك اليوم لا يشك فيه عاقل لما له من الأدلة الفطرية الأولية والعقلية والنقلية ﴿الظالمين﴾ أي الواضعين الأشياء في غير مواضعها ﴿مشفقين﴾ أي خائفين أشد الخوف كما هو حال من يحاسبه من هو أعلى منه وهو مقصر.