ولما كان هذا موضع أن يقول الرسول ﷺ المفهوم من السياق : فماذا صنع فيهم بعد هذا البيان، الذي لم يدع لبساً لإنسان ؟ سبب عن ذلك قوله تسلية له وتهديداً لهم :﴿فارتقب﴾ أي انتظر بكل جهد عالياً عليم نظاراً لأحوالهم نظر من هو حارس لها، متحفظاً من مثلها بهمة كهمة الأسد الأرقب، والفعل متعد ولكنه قصر تهويلاً لذهاب الوهم في مفعوله كل مذهب، ولعل المراد في الأصل ما يحصل من أسباب نصرك وموجبات خذلانهم ﴿يوم تأتي السماء﴾ أي فيما يخيل للعين لما يغشي البصر من شدة الجهد بالجوع إن كان المراد ما حصل لهم من المجاعة الناشئة عن القحط الذي سببه قوله ﷺ "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف" وروي في الصحيح أن الرجل منهم كان يرى ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان، وفي الواقع أن المراد عند قرب الساعة وعقب قيامها، فإنه ورد أنه يأتي إذ ذاك فيغشي الناس ويحصل للمؤمن منه كهيئة الزكان، ويجوز أن يكون المراد أعم من ذلك كله وأوله وقت القحط وكان آية على ما بعده، أو منه ما يأتي عند خروج الدخان من القحط الذي يحصل قبله أو غيره كما قال رسول الله ﷺ :"إني قد خبأت لك خبأ فما هو ؟" قال : الدخ، ففسر بالدخان، فلذلك قال تعالى :﴿بدخان مبين﴾ أي واضح لا لبس فيه عند رائية ومبين لما سواه من الآيات للفطن ﴿يغشى الناس﴾ أي المهددين بهذا، وهم الذين رضوا بحضيض النوس والاضطراب عن أوج الثبات في رتبة الصواب، روى مسلم في صحيحه عن أبي
٦٧
هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : بادروا بالأعمال ستاً : الدجال والدخان ودابة الأرض وطلوع الشمس من مغربها وأمر العامة وخويصة أحدكم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٦